المهم أن المودَع أنكر وقال: لم تودعني، وثبت أنه أودعه ببينة.
قوله:«أو إقرار» يعني بعد أن أنكر ـ هداه الله ـ وندم وأقر، أو أنكر ناسياً للوديعة ثم تذكر، أو كان ناسياً لها ثم وجدها في بيته، المهم أنه بعد أن أنكر أقر.
قوله:«ثم ادعى رداً أو تلفاً سابقين لجحوده لم يقبلا ولو ببينة» مثال ذلك: أنكر الرجل الوديعة يوم الخميس، وأقيمت الدعوى عليه يوم الجمعة، وثبتت عليه ببينة، ثم ادعى أنها تلفت يوم الأربعاء، فهنا لا يقبل قوله؛ لأنه كذب نفسه، حيث أنه أنكر الوديعة يوم الخميس وقال: ليس عندي وديعة، ولما ثبتت قال: إنها تلفت يوم الأربعاء، فهنا دعواه التلف لا تقبل، ودعواه الرد لا تقبل؛ لأنه بإنكاره صار خائناً، فلا يقبل قوله لا في الرد ولا في التلف ويلزمه الضمان.
ولو أقام بينة على أنها تلفت يوم الأربعاء، وأتى بشهود يشهدون أن الوديعة الفلانية تلفت يوم الأربعاء، فهل يقبل أو لا يقبل؟
يقول المؤلف:«لم يقبلا» أي: الرد والتلف «ولو ببينة» حتى لو جاء بشهود وقالوا: نشهد إن وديعة فلان تلفت يوم الأربعاء فإنها لا تقبل؛ لأنه هو نفسه مكذب للبينة؛ لأنه لما أنكر يوم الخميس وقال: أبداً ما أودعتني ما صار له عنده وديعة فيكون مكذباً للبينة؛ فكلامه يناقض بينته.