للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: «أو بعده بها» يعني أو ادعى التلف «بعده» أي: بعد الجحد «بها» أي بالبينة فإنه يقبل، لاحتمال حدوث الوديعة بعد الجحد، وحينئذ لا ينافي البينة التي تشهد بالتلف بعد الجحود فلم يحصل تناقض، ولماذا لا يقبل مطلقاً وهو مودَع؟ لأنه بجحوده زال عنه وصف الأمانة، فلا يقبل قوله في التلف ولا في الرد إلا ببينة.

فهذا الرجل طلبت منه الوديعة، فقال للمودِع: لم تودعني، وأنكر، فأقام المودِع بينة أنه أودعه وكان إنكاره يوم الخميس، فادعى أنها تلفت يوم الجمعة فيقبل قوله ببينة، وبغير بينة لا يقبل، وكونه يقبل ببينة؛ لأنه لم يحصل تناقض بين جحوده وبينته بالرد.

فإن قيل: ألستم تقولون: إن المودَع يقبل قوله في الرد؟ فالجواب: بلى، نقول بهذا، لكننا نقول: يقبل قوله في الرد ما دام أميناً، أما وقد خان بإنكار الوديعة فإنه لا يقبل قوله إلا ببينة.

والحاصل أنه إذا أنكر الوديعة ثم ثبتت عليه ببينة ثم ادعى رداً أو تلفاً، فإن كان الرد والتلف اللذان ادعاهما سابقين على جحوده فلا قبول له مطلقاً لا ببينة ولا بغير بينة، وإن ادعى الرد والتلف بعده قُبِلَ ببينة، وبغير بينة لا يقبل، هذا إذا أنكر.

أما إذا قال: ما لك عندي شيء فهو مقبول على كل حال؛ وذلك لأن قوله: مالك عندي شيء لا ينافي ثبوت الوديعة؛ لأنها إذا تلفت بغير تعدٍّ ولا تفريط فقد صدق، ليس لمدعي الإيداع شيء؛ لأنه يقول: نعم أنت أودعتني وأنت صادق، لكن تلفت، ولما تلفت لم يبق لك عندي شيء، فيكون هنا إقراره بالوديعة أو

<<  <  ج: ص:  >  >>