اختصاصات ولا نسميها أملاكاً؛ لأنها ليست ملكاً لأحد.
وقوله:«وملك معصوم» أي: ولم يسبق إحياءَها ملكٌ، فإن سبق إحياءها ملك فإنه لا يمكن لمن أحياها أن يملكها؛ لأنها ملك للأول الذي أحياها، لكن اشترط المؤلف أن تكون ملكاً لمعصوم، والمعصوم من بني آدم أربعة أصناف: المسلم، والذمي، والمعاهَد، والمستأمِن، فهذه أربعة أنفس معصومة لا يجوز لأحد أن يعتدي عليها، أما الحربي الذي ليس له عهد ولا ذمة وليس مسلماً، فماله مباح للمسلمين، فالأرض التي تكون ملكاً لحربي فهي موات وإن كان مستولياً عليها؛ لأن ماله غير معصوم.
ومثل إحياء الموات الأراضي الداثرة التي كانت قرىً في قديم الزمان وارتحل الناس عنها وتركوها، فهذه ـ أيضاً ـ لمن ملكها، ونظير ذلك في الأعيان إذا ألقى الإنسان متاعه زاهداً فيه وراغباً عنه ولا يريده فهو لمن وجده، كما في حديث جابر ﵁ أنه كان على جمل له فأعيا فأراد أن يسيِّبه (١)، فلو سيَّبه جابر ووجده آخر فهو له، وكذلك ما يلقى في البحر عند خوف غرق السفينة فإن من وجده فهو له؛ وذلك لأن الذي ألقاه قد تخلى عنه ولم يرد أن يكون ملكاً له، وكذلك أراضي القرى البائدة التي من قديم الزمان ـ كما سبق ـ فهذه ـ أيضاً ـ مَنْ أحياها مَلَكَها، ولهذا الآن يوجد في بعض الأراضي التي تُحيا
(١) أخرجه البخاري في الشروط/ باب إذا اشترط البائع ظهر الدابة (٢٧١٨)؛ ومسلم في المساقاة/ باب بيع البعير واستثناء ركوبه (٧١٥) (١٠٩) عن جابر ﵁.