الراجح أنه يملكها بدون إذن الإمام إلا إذا أصدر الإمام أمره بألا يحيي أحد أرضاً إلا بإذنه فلا تحيا إلا بإذنه، وإذا أمر الإمام ألا يُحييَ أحد أرضاً إلا بإذنه فهل تجب طاعته؟ الجواب: نعم، تجب طاعته؛ لأن طاعة ولي الأمر واجبة في غير معصية الله، وتنظيم الأراضي، وكون الناس لا يُعْطَون إلا بترخيص وحدود مضبوطة ليس من معصية الله، بل هو من حفظ حقوق العباد.
قوله:«في دار الإسلام وغيرها» يعني من أحياها ملكها سواء كان في دار الإسلام وغير دار الإسلام، ودار الإسلام هي التي غلب عليها الإسلام ظهوراً وشيوعاً بحيث يؤذن فيها للصلاة، وتقام فيها الجماعات، ويصام فيها رمضان ويعلن، وتظهر فيها الشعائر حتى وإن كان فيها كفار، فلو قدر أن الكفار فيها خمسون في المائة أو أكثر فهي دار إسلام، ما دام حكم الإسلام غالباً عليها، أما إذا لم يكن حكم الإسلام عليها غالباً فهي دار كفر ولو كثر فيها المسلمون، والاعتبار بالمظهر والظاهر، ويدل لهذا أن النبي ﷺ كان إذا غزا قوماً أمسك حتى يطلع الفجر، فإن أَذَّنُوا امتنع من قتالهم، وإن لم يؤذِّنوا قاتلهم (١).
فمثلاً بلاد أوروبا الآن بلاد كفر؛ لأن الحكم الشائع والظاهر فيها هو الكفر، وإن كان يوجد فيها جمعيات إسلامية، وربما يوجد في بعض البلاد هناك مناطق تقام فيها الجماعة والجمعة، لكنها بلاد كفر؛ لأن الغالب والمهيمن عليها هو حكم
(١) أخرجه البخاري في الأذان/ باب ما يحقن بالأذان من الدماء (٦١٠) عن أنس ﵁.