وقوله:«العادية» يعني التي أعيدت بعد أن كانت محفورة من قبل ثم طمها الرمل، أو المطر، أو ما أشبه ذلك، ثم أعادها، فيملك خمسين ذراعاً من كل جانب؛ وذلك لأنه حفرها أولاً ثم حفرها ثانياً، فبالحفر الأول ملك خمسة وعشرين ذراعاً، وبالحفر الثاني ملك خمسة وعشرين، فيكون الجميع خمسين ذراعاً.
ومراد المؤلف ﵀ بذلك البئر المحفورة للسقيا وليست للزرع، وهذا يقع كثيراً في البر عند البادية، تجد الرجل يحفر بئراً حتى يصل إلى الماء من أجل أن يسقي ماشيته من إبل أو بقر أو غنم، فنقول: هذا الرجل يملك بهذه البئر خمسين ذراعاً إن كانت قد أعيدت، أو خمسة وعشرين ذراعاً إن كانت بدية، يعني مبتدأة، ففعيل هنا بمعنى مفعول، أي: ابتدأ حفرها، أما إن كانت البئر للزرع فهو شبيه بإجراء الماء إلى الأرض يكون إحياء لكل ما يمكن أن يزرع بهذه البئر.
وظاهر كلام الفقهاء ﵏ أنه لا فرق بين أن يكون الحفر سهلاً أو يكون الحفر شديداً، كما لو كانت أرضاً صخرية، وأنه لا فرق بين أن يكون عمقها بعيداً أو عمقها قريباً؛ وتعليل ذلك أن هذا الحريم هو الذي يتعلق به مصلحة البئر، فالرجل في البادية إنما حفر هذا البئر من أجل أن يسقي ماشيته، وخمسة وعشرون ذراعاً من كل جانب فيها كفاية، أي: دائرة يبلغ قطرها خمسين ذراعاً، أما إذا كانت عاديَّة بمعنى أنها انطمت ثم حفرها ثانية فإنه يملك خمسين ذراعاً من كل جانب.
وظاهر كلامهم ـ أيضاً ـ أنه لا فرق بين أن يكون الحافر مرة