للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُمِل بالعرف، فمثلاً لو قال مَنْ رد الآبق: أنفقت عليه ألف ريال، وقال سيده: بل خمسمائة، فلدينا الآن مدعٍ، ومدعى عليه، والغارم السيد، فهل نقبل قول السيد، أو ننظر ماذا يدل عليه واقع الناس؟ الجواب: الثاني، فإذا كان من العادة أن مثل هذا الآبق يُنفق عليه ألف أخذنا بقول الذي رده، وإذا كان من العادة أنه لا ينفق عليه إلا خمسمائة أخذنا بقول السيد، وإن اشتبه علينا الأمر رجعنا إلى الأصل وهو أن يقبل قول السيد؛ لأنه غارم.

فإن نوى التبرع بهذا كله برد الآبق والنفقة، ثم بعد ذلك نُدِّم، وقيل له: كيف تنوي التبرع وقد خسرت عليه كذا وكذا وتعبت فيه؟! فأراد الرجوع فليس له أن يرجع؛ لأنه حال فِعْلِهِ فَعَلَهُ لا على سبيل التعويض.

وإن نوى الرجوع في الرد والنفقة ولكن أثناء الحال نوى بقلبه أنه يبرئ صاحب العبد، ثم ندم وأراد الرجوع فهنا له أن يرجع؛ لأنه حين فعله كان ناوياً الرجوع والتعويض، لكن نوى فيما بعد أن يبرئه ولم يبرئه، والإنسان إذا نوى الشيء ولم يفعل فهو بالخيار، كما لو أعد الإنسان الدراهم ليتصدق بها وقبل أن يتصدق بها عدل عن هذا، وكما لو بنى بيتاً بنية أنه سيوقفه على الفقراء ثم بعد استكمال البيت عدل عن هذه النية، فإنه يجوز؛ لأنه لم يتلفظ بالوقف ولم يشرعه للفقراء، وكما لو نوى أن يضحي بهذه الشاة ثم عدل وباعها فليس عليه شيء، فلا حرج؛ لأن هذه الأشياء لا تتم إلا بالإمضاء فعلاً، أما قبل ذلك ـ وهي مجرد نية ـ فليس عليه شيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>