للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما إذا كان يعرف من نفسه أنه قادر على إنشاد الضالة، فهنا نقول فيه تفصيل: إن كان له قوة وقدرة على التعريف فالأفضل أخذها، وإن كان يخشى ألا يقدر، أو أن يشق عليه فالأفضل تركها، وعلى هذا فقوله: «وله» اللام للإباحة التي في مقابل المنع، وإلا فإنه قد يكون الأفضل تركها وقد يكون الأفضل أخذها.

فإن أمن نفسه على ذلك ولم يخف عليها فله الأخذ، لكن السلامة أولى فيتركها، فكم من إنسان أخذ اللقطة على أنه سيعرفها، ثم يتهاون أو يأتيه شغل يمنعه من تعريفها وما أشبه ذلك.

قوله: «وإلا» أي: وإلا يأمن نفسه على ذلك.

قوله: «فهو كغاصب» فيحرم عليه أخذه، وظاهر كلام المؤلف ﵀ أنه لا فرق بين لقطة مكة وغيرها؛ لأنه لم يفصل، وهذا هو المشهور من المذهب.

والصحيح أن لقطة مكة لا تحل إلا لمنشد يريد أن يعرِّفها مدى الدهر؛ وذلك لقول النبي ﷺ: «ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد» (١) وهذا من خصائص الحرم، والحكمة في ذلك أنه إذا علم الإنسان أنه لا يحل له التقاط لقطة الحرم إلا إذا كان مستعداً لإنشادها دائماً فإنه سوف يدعها، وإذا كان هذا يدعها والآخر يدعها ومَنْ بَعده يدعها، بقيت في مكانها حتى يجدها ربها، وهذا


(١) أخرجه البخاري في الجنائز/ باب الإذخر والحشيش في القبر (١٣٤٩)؛ ومسلم في الحج/ باب تحريم مكة (١٣٥٥) عن ابن عباس ﵄.

<<  <  ج: ص:  >  >>