للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يعرفه بدون أن يفصل؛ لئلا يدعيها من ليست له.

والتعريف يجب أن يكون فوراً، فلو أخره فهو آثم ويضمنها ضمان غصب.

قوله: «غير المساجد» أما المساجد فلا يجوز إنشاد الضالة فيها، بل قد أمر النبي من سمع الذي ينشد الضالة في المسجد فليقل: «لا ردها الله عليك، فإن المساجد لم تبنَ لهذا» (١) وهذا من باب التعزير، كما أمر النبي بعدم تشميت العاطس إذا لم يحمد (٢)، فإذا رأى الإنسان أنه إذا أقام هذا التعزير عُزِّر هو فلا يقدم ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.

والحديث يحتمل أن الرسول أراد أن نقول كل الجملة «لا ردها الله عليك فإن المساجد لم تبن لهذا»، ويحتمل أنه قال ذلك تعليلاً للحكم، وكأن سائلاً يسأل: لماذا نقول هذا الكلام؟ قال: لأن المساجد لم تبن لهذا، وعليه فلينظر للمصلحة، إذا كان من المصلحة أن يقولها فليقلها تطميناً لنفسه وقلبه وبياناً للعلة والحكمة، وهذا أحسن؛ لأنك لو قلت: «لا ردها الله عليك» وصِحْت به، سيكون في قلبه شيء، لكن إذا قلت: «فإن المساجد لم تبن لهذا» اطمأن.

ولو فتح المجال للناس أن ينشدوا الضوال في المسجد


(١) أخرجه مسلم في الصلاة/ باب النهي عن نشد الضالة في المسجد (٥٦٨) عن أبي هريرة .
(٢) أخرجه مسلم في الزهد/ باب تشميت العاطس وكراهة التثاؤب (٢٩٩٢) عن أبي موسى الأشعري .

<<  <  ج: ص:  >  >>