يعني أن صاحب هذا الطفل قد نبذه وطرحه، لا يريده، وهذا من المعلوم أنه لا يُتصور غالباً إلا فيمن لا يستطيع المشي، كطفل في المهد وجدناه ـ مثلاً ـ في المسجد، أو في الحمامات أو على الأرصفة، وغلب على ظننا أنه منبوذ بقرائن، ومن هذه القرائن أنه إذا نبذ يكتب عليه في مهاده «هذا ليس له أحد»، وهذا يقع فيما إذا حصل ـ والعياذ بالله ـ زنا ثم وضعت المرأة من هذا الزنا، وقد عُرِف أنها ليست متزوجة فإنها تنبذ هذا الطفل، وأحياناً يكثر هذا في المساجد، وأحياناً يقل، وعلى كل حال إذا نبذ فواضح أنه لقيط.
وقوله:«أو ضل» أي: أو ضاع، وهذا في الحقيقة فيه نظر ظاهر، فإذا علمنا أن هذا الطفل له خمس سنوات أو ست سنوات وقد ضاع عن أهله، وهو الآن يصيح يبحث عنهم، فهل يمكن أن نقول: إن هذا لقيط يأخذه الإنسان ويجعله عنده؟ لا، هذا يشبه اللقطة، بمعنى أنه يجب أن يبحث عن أهله، وهذا يقع كثيراً في مواسم الحج والعمرة، ولكن من توفيق الله لهذه الحكومة ـ الحكومة السعودية ـ أنها جعلت أناساً يتلقون هؤلاء الضائعين، ومن المعلوم أن من ضاع له طفل في هذه السن، فإنه أول ما يذهب إلى الشرطة الذين يتلقون هؤلاء، فيحصل بهذا خير كثير.
وظاهر كلام المؤلف: أن من وجده أخذه على أنه لقيط، ولكن هذا فيه نظر ظاهر، فالصواب إذاً أن اللقيط طفل لا يعرف نسبه ولا رقه نبذ فقط، ولا نقول: أو ضل، بل نقول: إن الضال يُبحث عن أهله.