الأقدام؛ لأن الأقدام ـ سبحان الله ـ دليل واضح على الوجوه، حتى إنه عندنا هنا في البلد أناس يعرفون الرجل بقَدمِه، فإذا رأى القدم ورأى أصابعه قال: كأنني أشاهد وجهه ـ سبحان الله! ـ حتى إنه إذا تسلق الجدار، وكانت الجدران من قبل من الطين تتأثر بالأصابع، فإذا سرق ـ مثلاً ـ وتسلق الجدار عرفه بإبهامه فقط، ويقول: كأنني أشاهد وجهه، وإذا دخل على حوش الغنم، وسرق وخرج ورأى أثر أقدامه في الرمل، قال: هو فلان، فالمهم أن الوجوه والأقدام تدل على النسب؛ لأن مجززاً المدلجي ﵁ إنما رأى أقدامهما.
ولا فرق بين أن يكون الأول مدعياً أو الثاني أو الثالث، يعني لو أن أحدهم جاء في الساعة الواحدة والآخر في الساعة الثانية والثالث في الساعة الثالثة، وكلهم ادعى أنه ولده، فإننا نعرضه على القافة فمن ألحقته به لحقه، لكن بشرط أن يكون مجرباً بالإصابة.
وقول القافة في الأنساب معتبر، فهل يعتبر قول القافة في الأموال، بمعنى أن القائف إذا رأى قدم السارق، وقال: هذا فلان بن فلان، فهل يؤخذ به، أو يقال: إنه قرينة ويؤتى بالرجل إن أقر وإلا برئ؟ فيها خلاف بين العلماء: منهم من قال: إذا عرف بالإصابة بالتجربة فإنه يؤخذ به، وكما ذكرنا هؤلاء القافة ربما يشهدون شهادة على أن هذا قدم فلان بن فلان، وليس عندهم فيه شك، فيكون قرينة، وفي قضية داود وسليمان ـ عليهما الصلاة والسلام ـ ﴿إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ