للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يستشير النبي ماذا يصنع فيها؛ لأن الصحابة ينفقون مما يحبون، فأرشده إلى الوقف، وقال: «إن شئت حبست أصلها، وتصدقت بها» (١)، وفي لفظ: «احبس أصلها، وسبِّل ثمرها» (٢)، وهذا أول وقف في الإسلام، وهو غير معروف في الجاهلية، بل أحدثه الإسلام، ففعل عمر وجعل لها مصارف نذكرها ـ إن شاء الله ـ فيما بعد.

وكان ابن عمر إذا أعجبه شيء من ماله تصدق به، يتأول قوله تعالى: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ [آل عمران: ٩٢] (٣).

وأبو طلحة لما أنزل الله هذه الآية، جاء إلى رسول الله وقال: يا رسول الله، إن الله أنزل: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾، وإن أحب مالي إليَّ «بيرحاء»، وهي اسم نخل مستقبلة مسجد الرسول في المدينة، وكان فيها ماء عذب طيب يأتي إليه الرسول ويشرب منه، وهذا لا شك أغلى شيء عند أبي طلحة، فقال: يا رسول الله ضَعْهَا حيثُ شِئْتَ، فقال الرسول : «بَخٍ بَخٍ، ذاك مال رابح، ذاك مال رابح، وأرى أن تجعلها في الأقربين»، فجعلها في قرابته وبني عمه (٤).


(١) أخرجه البخاري في الشروط/ باب الشروط في الوقف (٢٧٣٧)؛ ومسلم في الوصية/ باب الوقف (١٦٣٣) عن ابن عمر .
(٢) أخرجه النسائي في الأحباس/ باب حبس المشاع (٦/ ٢٣٢)؛ وابن ماجه في الصدقات/ باب من وقف (٢٣٩٧) عن ابن عمر .
(٣) أخرجه البزار كما في مختصر زوائد مسند البزار لابن حجر (١٤٥١).
(٤) أخرجه البخاري في الزكاة/ باب الزكاة على الأقارب (١٤٦١)؛ ومسلم في الزكاة/ باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين … (٩٩٨) عن أنس .

<<  <  ج: ص:  >  >>