الكنيسة نصرانياً فإن الوقف يصح؛ لأنهم يدينون لله تعالى ـ وإن كان دينهم باطلاً ـ ببناء الكنائس والإنفاق عليها، ونحن نقرهم على دينهم، والمال ليس مالنا حتى نقول: لا يمكن أن يصرف مال المسلم في معابد الشرك، فالمال ماله هو، وهذا ليس ببعيد إذا لم يتحاكموا إلينا، فإن تحاكموا إلينا وجب الحكم بينهم بما أنزل الله.
قوله:«ونَسْخِ التوراة والإنجيل»، يعني لا يجوز الوقف على نسخ التوراة، فلو أوقف مالاً لنسخ القرآن الكريم، ومالاً لنسخ التوراة، ومالاً لنسخ الإنجيل، فالأول يصح؛ لأنه قربة، والثاني والثالث لا يصح؛ لأن هذه الكتب كتب محرفة من حيث ذاتها، منسوخة من حيث أحكامها، فلا يعتمد عليها إطلاقاً، وما فيها من حق فقد تضمنته الشريعة الإسلامية.
فلا يجوز لأحد أن ينسخ التوراة أو الإنجيل أو يقرأها أو يوزعها؛ لأن فيما أنزل الله علينا كفاية؛ ولأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فربما يزيِّن له شيئاً من التوراة والإنجيل يصده عن القرآن.
وهل يجوز للنصراني ـ مثلاً ـ أن يوقف شيئاً لنسخ الإنجيل؟ فيه تفصيل إن كان على نسخ ونشر فإننا نمنعه، وإن كان على نسخه لينتفع به النصارى فقط، فقد يقال: لا بأس به، على أن في نفسي منه شيئاً؛ لأنه يمكن أن يوزع على الناس، فخطره أعظم من تعمير الكنيسة، وقد يقال بالمنع.
قوله:«وكتب زندقة» ككتب الشيوعية، أو كتب البدع المكفرة أو المفسقة، فلا يجوز الوقف عليها، فلو أوقف إنسان