الوقف على وجه معين، فلا يجوز أن يتصرف في ملكه إلا حسب ما أخرجه عليه.
وأما الآخرون الذين قالوا بالجواز فيقولون: إن أصل الوقف للبر والإحسان، فما كان أبر وأحسن فهو أنفع للواقف وللناس، واستدل هؤلاء بأن النبي ﷺ أتاه رجل عام الفتح وقال: يا رسول الله إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت المقدس، فقال له:«صل هاهنا»، فأعاد عليه فقال:«صل هاهنا»، فأعاد عليه فقال:«شأنك إذاً»(١).
والوقف شبيه بالنذر، فإذا كان النبي ﷺ أجاز للناذر أن ينتقل إلى الأفضل فالواقف كذلك، وهذا القول هو الصحيح أنه يجوز أن يغير شرط الواقف إلى ما هو أفضل، ما لم يكن الوقف على معين، فإن كان الوقف على معين فليس لنا أن نتعدى، فلو قال: وقف على فلان، فلا يمكن أن نصرفه إلى جهة أفضل؛ لأنه عيَّن، فتعلق حق الخاص به، فلا يمكن أن يغير أو يحوَّل.
قوله:«في جمع»، بأن يقول: هذا وقف على أولادي وأولادهم، فيكون الوقف على الأولاد وأولادهم مجموعين، فإذا كان له ثلاثة أولاد، وثلاثة أولاد ابن، فيقسم الوقف على ستة؛ لأنه جمعهم، والواو تقتضي الجمع، فيقسم بينهم بالسوية جميعاً بدون ترتيب.
(١) أخرجه الإمام أحمد (٣/ ٢٦٣)؛ وأبو داود في الأيمان والنذور/ باب من نذر أن يصلي في بيت المقدس (٣٣٠٥)؛ والحاكم (٤/ ٣٠٤) عن جابر ﵁. وصححه الحاكم وابن دقيق العيد، انظر: التلخيص (٢٠٦٧).