للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقوله : «لا يُطَهِّران»، يدلُّ على أن الاستجمار بما عداهما ـ مما يباح به الاستجمار ـ يُطهِّر.

وبناءً على هذا القول ـ الذي هو الرَّاجح ـ لو تعدَّى محلَّه، وعَرِقَ في سراويله فإِنه لا يكون نجساً، لأنَّ الاستجمار مطهِّر، لكنَّه عُفي عن استعمال الماء تيسيراً على الأمة.

فهذان اثنان مما يُعْفَى عنهما:

١ - يسير الدَّم النَّجس من حيوان طاهر.

٢ - أثر الاستجمار بمحلِّه.

وظاهر كلامه: أنه لا يُعفَى عن يسير شيء مما سواهما، فالقَيء مثلاً لا يُعْفَى عن يسيره، وكذلك البول، والرَّوث.

وللعلماء ـ رحمهم الله تعالى ـ في هذه المسألة أقوال (١):

القول الأول: أنَّه لا يُعفَى عن اليسير مطْلقاً.

القول الثَّاني: المذهب على التَّفصيل السَّابق.

القول الثَّالث: أنه يُعفَى عن يسير سائر النَّجاسات.

............

وهذا مذهب أبي حنيفة (٢)، واختيار شيخ الإِسلام ابن تيميَّة (٣) ولا سيَّما ما يُبتلَى به النَّاس كثيراً كبعر الفأر، وروثه، وما أشبه ذلك، فإِنَّ المشقَّة في مراعاته، والتطهُّر منه حاصلة، والله تعالى يقول: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: ٧٨].


(١) انظر: «مجموع الفتاوى» (٢١/ ١٦ ـ ١٩)، «الإنصاف» (٢/ ٣١٧ ـ ٣٢١).
(٢) انظر: «حاشية ابن عابدين» (١/ ٣١٦ ـ ٣٢٥).
(٣) انظر: «الاختيارات» ص (٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>