للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلق من دون أب، ولهذا لو أن شخصاً انتفى من ولده، وقال: هذا الولد ليس مني، وقُبِل انتفاؤه بالشروط المعروفة، صار هذا الولد أبوه أمه، ولهذا إذا مات عنها ترثه هي ميراث أم وأب، فيقال: إذا لم يكن له أبناء ولا إخوة، فأمه لها الثلث بالفرض والباقي بالتعصيب؛ لأنها هي أبوه وأمه.

قوله: «ولو قال على بنيه أو بني فلان اختص بذكورهم»، فإذا قال: على بنيه أو بني فلان فإنه للذكور دون الإناث، وهنا نتكلم عن كلمة «بنيه» من حيث مدلول اللفظ، ومن حيث جواز هذا الوقف، فإذا قال: على بنيه، فمدلول اللفظ أن البنات لا يدخلن؛ لأن البنت لا تسمى ابناً، ولكن هل يجوز للإنسان أن يوقف على بنيه دون بناته؟ الجواب: لا.

والفقهاء إنما يتكلمون على مدلول الألفاظ دون حكم الوقف، فهنا إذا قال: هذا وقف على بنيَّ فيدخل الذكور فقط، وأما الإناث فلا يدخلن؛ لأنه يقال: بنون وبنات، ولكن لا يجوز له أن يخص الوقف ببنيه؛ لأنه إذا فعل ذلك دخل في قول النبي : «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم» (١)، فيكون بهذا العمل غير متقٍ لله تعالى، وسمى النبي تخصيص بعض الأبناء جَوْراً، فقال: «لا أشهد على جَوْر» (٢)، ولا شك أن من وقف على بنيه دون بناته أنه جَور.


(١) سبق تخريجه ص (٣٦).
(٢) أخرجه البخاري في الشهادات/ باب لا يشهد على شهادة جور … (٢٦٥٠)؛ ومسلم في الهبات/ باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة (١٦٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>