والمسألة خلافية، لكن هذا المذهب في هذه المسألة ونحن نمشي عليه.
ولا بد ـ أيضاً ـ من إذن الواهب بذلك، فلو قال رجل: وهبتك بعيري الذي في حظيرتي، فقال: قبلت، ثم ذهب الموهوب له مسرعاً وأخذ البعير، فهل تلزم الهبة؟ المؤلف يقول: لا تلزم إلا إذا قال: اذهب فاقبضها، أو ذهب معه وأقبضه إياها، أما أن يقبض بدون إذنه فلا، فإذا قال قائل: أليس يلزم من الهبة الإذن في القبض؟ قلنا: لا يلزم؛ لأنه قد يندم الواهب فيرجع قبل القبض، وأنت إذا بادرت وقبضت بدون إذنه سددت عليه الباب، وهو له الحق أن يرجع حتى يسلمك إياها، أو يأذن لك بالقبض، فلهذا اشترط ذلك المؤلف فقال:«بإذن واهب».
قوله:«إلا ما كان في يد متَّهب»، فما كان في يد متَّهب لا يحتاج إلى إذن، كشخص استعار كتاباً من آخر والكتاب في يده، فقال له مالك الكتاب: قد وهبتك كتابي الذي استعرته مني، فلا يحتاج أن يقول: وهل تأذن لي في قبضه؟ لأنه في يده، فصار بعد الهبة مقبوضاً.
فإن قال قائل: إن قبضه هنا يختلف، فقبضه قبل الهبة على أن يده يد أمانة لا يد مالك، وبعد الهبة صارت يده يد مالك، نقول: هذا الفرق لا يؤثر؛ لأن العبرة هل الموهوب وصل إلى الموهوب له أو لا؟ وحينئذٍ نقول: إنه قد وصل، ومثل العارية الوديعة، كما إذا أعطيت شخصاً كتاباً، وقلت له: خذ هذا الكتاب احفظه عندك حتى أطلبه منك، ثم وهبته إياه، فهذا لا