للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه، فهل تجب عليه زكاته؛ لأن إبراءه كقبضه أو لا تجب؟

الجواب: فيه تفصيل: إن وجبت الزكاة في هذا الدين لم يسقطها الإبراء، وإن لم تجب فإنه يسقطها الإبراء، فهذا هو الضابط، مثل أن يبرئ فقيراً أو ما أشبه ذلك فهنا لا تجب، وأما القول بأنه إذا أبرأه منه فإن الزكاة واجبة على كل حال؛ لأن الإبراء كالقبض، والدين إذا قبض ـ سواء على غني أو على فقير ـ فإن الزكاة فيه واجبة، فهو ضعيف.

قوله: «وتجوز هبة كل عين تباع»، أفادنا أن الهبة إنما تكون في الأعيان، وأما الدين فيسمى إبراءً.

وقوله: «تباع» أي: يصح بيعها، فخرج بذلك ما لا يصح بيعه.

وظاهر كلامه أن ما لا يصح بيعه ولو لجهالته، أو عدم القدرة عليه لا تصح هبته، والصحيح في هذا أن ما لا يصح بيعه لجهالته، أو الغرر فيه، فإن هبته صحيحة، كما لو أبق عبد لشخص فقال لصاحبه: إني قد وهبتك عبدي الآبق، فقبل، فالصواب جواز هذا؛ لأن الموهوب له إن أدركه فهو غانم وإن لم يدركه فهو سالم، بخلاف البيع، وكذلك المجهول تصح هبته على القول الراجح؛ لأن الموهوب له إما سالم وإما غانم، فلا يكون ذلك من باب الميسر الذي حرمه الله ﷿ في كتابه.

ولو وهب موقوفاً فإنه لا تصح هبته؛ لأن الموقوف لا يصح بيعه، ولو وهب مرهوناً لم يصح؛ لأن المرهون لا يصح بيعه، ولو وهب مؤجَّراً صحت الهبة؛ لأن المؤجر يصح بيعه، ولكن لا

<<  <  ج: ص:  >  >>