للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرجوع في الهبة، والرجوع فيما أخرجه لله، وما أخرجه لله لا يجوز فيه الرجوع، حتى البلد إذا هاجر الإنسان منها لله لا يجوز أن يرجع ويسكن فيها؛ لأنه تركها لله وما تُرك لله فإنه لا يرجع فيه.

وقوله: «إلا الأب»، فله أن يرجع في هبته اللازمة، والدليل على ذلك حديث ورد في هذا: «لا يحل لرجل أن يعطي عطية أو يهب هبة فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده» (١)، فإنه يرجع فيما وهبه لابنه لقوله : «أنت ومالك لأبيك» (٢)، لكن الحديث الأول أعله بعضهم وضعَّفه، وقال: إن عموم حديث: «العائد في هبته كالكلب»، مقدم على هذا الحديث الضعيف، وأن الأب ليس له أن يرجع فيما وهبه لابنه.

لكننا نقول في الجواب عن هذا: إن الاستثناء وإن كان ضعيفاً فله ما يعضده، وهو أن للأب أن يتملك من مال ولده ما شاء، فإذا كان له أن يتملك ما شاء فرجوعه فيما وهبه لابنه من باب أولى، ولكن يستثنى من ذلك ما لم يكن حيلة على التفضيل فلا يجوز، كأن


(١) أخرجه أحمد (٢/ ٢٧)؛ وأبو داود في البيوع/ باب الرجوع في الهبة (٣٥٣٩)؛ والترمذي في البيوع/ باب ما جاء في الرجوع في الهبة (١٢٩٩)؛ والنسائي في الهبة/ باب رجوع الوالد فيما يعطي ولده (٣٦٩٠)؛ وابن ماجه في الأحكام/ باب من أعطى ولده ثم رجع فيه (٢٣٧٧) عن ابن عمر وابن عباس ، انظر: نصب الراية (٤/ ١٢٤).
(٢) أخرجه ابن ماجه (٢٢٩١) عن جابر بن عبد الله ، وصححه البوصيري على شرط البخاري وصححه ابن حبان (٤١٠) إحسان عن عائشة ، وأخرجه الإمام أحمد (٢/ ١٧٩، ٢٠٤، ٢١٤)؛ وأبو داود في البيوع/ باب الرجل يأكل من مال ولده (٣٥٣٠)؛ وابن ماجه في التجارات/ باب ما للرجل من مال ولده (٢٢٩٢) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وحسَّن إسناده في الإرواء (٣/ ٣٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>