للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حجر صحي، ولا بد، ولا يعد هذا ظلماً لهم، بل هذا يعد من باب اتقاء شرهم؛ لأن النبي قال: «فرَّ من المجذوم فرارك من الأسد» (١).

وظاهر هذا الحديث يعارض قوله : «لا عدوى ولا طِيَرة» (٢)، ولا شك في هذا؛ لأنه إذا انتفت العدوى فماذا يضرنا إذا كان المجذوم بيننا، ولكن العلماء أجابوا بأن العدوى التي نفاها الرسول إنما هي العدوى التي يعتقدها أهل الجاهلية، وأنها تعدي ولا بد، ولهذا لما قال الأعرابي: يا رسول الله كيف يكون لا عدوى والإبل في الرمل كأنها الظباء، ـ يعني ليس فيها أي شيء ـ يأتيها الجمل الأجرب فتجرب؟! فقال النبي : «مَنْ أعدى الأول» (٣)؟ والجواب: أن الذي جعل فيه الجرب هو الله، إذاً فالعدوى التي انتقلت من الأجرب إلى الصحيحات كان بأمر الله ﷿، فالكل بأمر الله .

وأما قوله : «فر من المجذوم»، فهذا أمر بالبعد عن أسباب العطب؛ لأن الشريعة الإسلامية تمنع أن يلقي الإنسان بنفسه إلى التهلكة، ولهذا إذا قوي التوكل على الله ـ تعالى ـ فلا


(١) أخرجه أحمد (٢/ ٤٤٣) عن أبي هريرة ، والبخاري في الطب/ باب الجذام (٥٧٠٧) عن أبي هريرة معلقاً، ولفظه: «كما تفر من الأسد».
(٢) أخرجه البخاري في الطب/ باب الطيرة (٥٧٥٣)؛ ومسلم في الطب/ باب الطيرة والفأل … (٢٢٢٥) (١١٦) عن ابن عمر .
(٣) أخرجه البخاري في الطب/ باب لا صفر (٥٧١٧)؛ ومسلم في الطب/ باب لا عدوى ولا طيرة … (٢٢٢.) عن أبي هريرة .

<<  <  ج: ص:  >  >>