الذي رجع في وصيته ـ ولو كانت صدقة لله ـ رجوعه صحيح؛ لأنها لم تخرج عن ملكه.
وهل يجوز أن يغير في الوصية ويبدل ويقدم ويؤخر؟ نعم يجوز؛ لأنه إذا جاز الرجوع في الأصل؛ جاز الرجوع في الشرط والوصف، فإذا أوصى بهذا البيت أن يُجْعَلَ للفقراء، ثم بدا له أن يحوله لطلبة العلم جاز ذلك.
ولهذا ينبغي للإنسان إذا أوصى في شيء ثم بدا له بعد ذلك أن يغير وكتب الوصية الثانية، فإنه ينبغي له أن يقول: هذه الوصية ناسخة لما سبقها؛ حتى لا يكون وصيتان ويرتبك الورثة.
ويكون الرجوع في الوصية بالقول وبالفعل، فإذا قال: اشهدوا أني رجعت في وصيتي، أو أني فسخت وصيتي، فهذا رجوع بالقول.
ويكون الرجوع بالفعل كأن يكتب بيده: إني قد أوصيت بالدار الفلانية لسكنى الفقراء لكني رجعت في وصيتي، فهذا رجوع بالفعل؛ لأنه كتب ولم ينطق ولا بكلمة.
مثال ثانٍ: أوصى بالبيت أن يكون سكناً للفقراء ثم باع البيت، فهذا رجوع بالفعل؛ لأنه لما باعه نقل ملكه، فبطلت الوصية لانتقال ملك الموصي عن الموصى به.
إذاً الرجوع يكون بالقول، وبالفعل، والفعل إما كتابة، وإما تصرف يدل على الرجوع.
لكن لو أوصى بهذا البيت لسكنى الفقراء ثم أجَّره، فهذا ليس رجوعاً؛ لأنه لم ينقل ملكه، فالملك باقٍ حتى مع التأجير،