بالحمل والوصية للحمل بينهما فرق، فالوصية بالحمل يعني أن الحمل يكون هو الموصى به، والوصية للحمل يعني أن الحمل هو الموصى له، أي: المملَّك الذي يعطى الوصية، فتجوز الوصية بالحمل، وللحمل، بشرط أن يكون الحمل موجوداً حين الوصية، فيجوز أن يوصي بالحمل ويقول مثلاً: أوصيت بحمل هذه الشاة لفلان، ويريد الحمل الذي في البطن لا الحمل المستقبل، فإذا كشفنا عنها ووجدنا أنه لا حمل في بطنها فإن الوصية باطلة؛ لأنه غير موجود حين الموت، ولو وجد الحمل بعد الموت فإن الوصية باطلة؛ لأنه لم يوجد إلا بعد الوصية.
لكن لو قال: أوصيت بما تحمل بعيري هذه لفلان، صحت الوصية؛ لأن الحمل هنا لم يعين فكأنه أوصى بنماء هذه البعير، بخلاف الأول فإنه عيَّن فقال: بحمل، فإن لم يكن حمل فإن محل الوصية مفقود، وإذا فقد محل الوصية فقدت الوصية.
والوصية للحمل، أي: أوصى لحمل فلانة، يعني الذي في بطنها، إن كان الحمل موجوداً حين الوصية صحت الوصية، ولكن لا يملكها إلا إذا استهل صارخاً كالميراث، وإن لم يكن موجوداً فإنها لا تصح، ومتى نتيقن الوجود؟ نتيقن الوجود إذا وضعت هذه المرأة قبل ستة أشهر من الوصية وعاش، فنعلم الآن أنه موجود حين الوصية؛ لأن أقل مدة حمل يعيش فيها المولود ستة أشهر، والدليل على ذلك مركب من آيتين: الآية الأولى: قوله ﵎: ﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا﴾ [الأحقاف: ١٥]، فإن ثلاثين شهراً من الأعوام سنتان ونصف.