للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: «وميت» أي: لا تصح لميت؛ لأن الميت لا يملك، فإذا كان لا يملك فكيف تصح الوصية له؟!

وقيل: تصح الوصية للميت وتصرف صدقة له في أعمال الخير، وهذا القول هو الراجح، أنه تصح للميت لا على سبيل التمليك؛ لأن الميت لا يملك، وكل أحد يعرف أن الإنسان إذا أوصى لميت لا يريد أن يُشترى له طعام ليأكله، أو شراب ليشربه أو لباس يلبسه، وإنما يريد أن يصرف في أعمال الخير لهذا الميت، لكن لو قال: أنا أريد تمليك الميت، قلنا: الوصية غير صحيحة، وهذا تلاعب؛ لأن الميت لا يملك، وملك الميت ينتقل إلى غيره إذا مات، فكيف يملك؟!

قوله: «فإن وصَّى لحي وميت يعلم موته فالكل للحي» إذا وصى لحي وميت، بأن قال: أوصيت بألف ريال لزيد وعمرو الميت، وهو يعلم أنه ميت فالكل للحي؛ ووجه ذلك أن اشتراكهما اشتراك تزاحم، والموصي يعلم أن الميت معدوم، وأن الوصية لا تصح له، فكأنه أراد أن تكون كلها للحي، فلما تعذر أن يكون نصيب الميت له عاد إلى الحي؛ لأنه يعلم أن الميت لا يملك، وعلى القول الذي رجحنا يكون للحي النصف وللميت النصف ويكون صدقة له، والمذهب أنه ليس للحي إلا النصف مطلقاً سواء علم الموصي أم لم يعلم، بناء على تفريق الصفقة، وأن الصفقة إذا اشتملت على حلال وحرام، حَلَّ الحلال وحرم الحرام، أو على صحيح وفاسد صح الصحيح وفسد الفاسد، وعليه يكون للحي النصف مطلقاً.

ومحل الخلاف ما لم يقل: بينهما أنصافاً، فإن قال ذلك فليس للحي إلا النصف مطلقاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>