للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانوا خانوا الله فإنهم يخونون عباد الله من باب أولى؛ ولهذا لما كتب معاوية إلى عمر بن الخطاب في أن يولي نصرانياً على حساب بيت المال فأبى عليه عمر وقال: لا يمكن أن نأتمن نصرانياً على حساب بيت المال، وكيف نأمنهم وقد خوَّنهم الله، فكتب إليه معاوية أن الرجل حاذق وجيد، فكتب إليه عمر : (مات النصراني والسلام) (١)، وهذه لها مغزى عظيم، يعني هل يتعطل بيت المال إذا مات هذا النصراني؟! فقدِّرْ أنه مات، فبيت المال لا يتعطل.

إذاً لا يصح أن يوصي إلى الكافر، ولو كان من آمن الكفار، وأقواهم؛ لأنه غير مأمون مهما كان الأمر.

وقوله: «مكلف» يعني بالغاً عاقلاً، والبلوغ معروف بماذا يحصل، والعقل هو أن يكون لدى الإنسان ما يحجزه عن السفه والتصرفات الطائشة، وضد البالغ الصغير، وضد العاقل المجنون.

وظاهر كلامه أنه تصح وصية الرجل إلى المرأة؛ لأنها بالغة عاقلة، فإذا أوصى إليها بثلث ماله تصرفه للفقراء أو أي مشروع خيري، فهذا يجوز؛ لأنها يصح تصرفها في مال نفسها، فيصح تصرفها في مال غيرها.

وقوله: «عدل» العدل ضد الفاسق، وهو من استقام في دينه ومروءته، ففي دينه بأن لا يفعل كبيرة إلا أن يتوب منها، وأن لا يصر على صغيرة، وأن يكون مؤدياً للفرائض؛ وذلك لأن من


(١) انظر: أحكام أهل الذمة، لابن القيم (١/ ٢١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>