للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العامة؛ حتى يكون له في كل قبيلة صلة، فتكون كل قبائل العرب لها صلة بالنبي ﷺ؛ لأن المصاهرة قسيم النسب، وعديل النسب، عَادَلَ الله بينهما في قوله: ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ المَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا﴾ [الفرقان: ٥٤]، ومن جهة أخرى أن رسول الله ﵊ أراد أن يكثر الأخذ عنه في الأعمال الخفية التي لا تكون إلا في البيوت، فزوجاته تأخذن عنه، ولهذا كان كثير من السنن التي لا يعلنها الرسول ﷺ تؤخذ من زوجاته ﵅، وكذلك تحصين فروجهن، وجبر قلوبهن، كقضية صفية بنت حيي ﵂، وكانت أسيرة في غزوة خيبر، وأبوها سيد بني النضير، ومعلوم أن امرأة بنتاً لسيد بني النضير تؤخذ أسيرة سوف ينكسر قلبها، فأراد النبي ﷺ أن يجبر قلبها فتزوجها (١)، ولو كان يريد أن يقضي الوطر، ما كانت زوجاته كلهن ثيبات إلا واحدة؛ لأن البكر بدون شك أحسن من الثيب، حتى قال ﷺ لجابر ﵁: «هلا بكراً تلاعبك وتلاعبها» (٢)، فعلى كل حال نقول: التعدد خير لما فيه من المصالح، ولكن بالشرط الذي ذكره الله ﷿، وهو أن يكون الإنسان قادراً على العدل.

وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يسن أن يقتصر على واحدة، وعلل ذلك بأنه أسلم للذمة من الجَوْرِ؛ لأنه إذا تزوج اثنتين أو أكثر فقد لا يستطيع العدل بينهما، ولأنه أقرب إلى منع


(١) أخرجه البخاري في النكاح/ باب من جعل عتق الأمة صداقها (٥٠٨٦)؛ ومسلم في النكاح/ باب فضيلة إعتاقه أمته ثم يتزوجها (١٣٦٥) (٨٤) عن أنس ﵁.
(٢) أخرجه البخاري في النكاح/ باب تزويج الثيبات (٥٠٧٩)؛ ومسلم في النكاح/ باب استحباب نكاح البكر (٧١٥) (٥٦) عن جابر ﵁.

<<  <  ج: ص:  >  >>