وعلم من قول المؤلف:«ووصيه»، أن ولاية النكاح تستفاد بالوصية، أي: أن من أوصى أن يزوجوا مولياته بعد موته، فإن وصيه يقوم مقامه، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد.
فالأب إذا مات يكون الولي بعده العم أو الأخ إن كان كبيراً، فإذا أوصى الأب إلى أحدٍ يزوجها صار الذي يزوجها الوصي دون الأخ، هذا معنى قولنا: إن ولاية النكاح تستفاد بالوصية، وعللوا ذلك بأن الأب له شفقة، وله نظر بعيد بالنسبة للبنات، فقد يرى أن الأولياء ليسوا أهلاً ولا ثقة عنده بهم فيوصي إلى شخص آخر.
والصحيح أنها لا تستفاد بالوصية، وأنها تسقط بموت صاحبها، فإذا مات الأب فإنه لا حق له في الوصية بالتزويج، بل إن الوصية في الأصل لم تنعقد؛ لأن ولاية النكاح ولاية شرعية تستفاد من الشرع، ونحن إذا قلنا باستفادة الولاية بالوصية ألغينا ما اعتبره الشرع، فكما أن الأب لا يوصي بأن يرث ابنَه وصيُه، فكذلك لا يوصي بأن يزوج بنتَه وصيُه.
فلو أن إنساناً قال: أوصيت بنصيب بنتي أن يملكه فلان، ومات الأب ثم ماتت البنت، فهل يرثها الوصي؟ لا يرثها؛ لأنه لا يملك بالوصاية، كذلك الولاية لا تملك بالوصاية، فإذا مات الأب وقد أوصى بطلت الوصية، وهذا هو القول الصحيح؛ لأن الولاية متلقاة من الشرع، نعم له أن يوكل ما دام حياً، أما بعد الموت فولايته ماتت بموته.
قوله:«كالسيد مع إمائه» السيد مالك العبد؛ ولهذا قال: