رفض، وإذا لم تدل القرينة على ذلك فلا يدل على الرفض.
وقوله:«وهو صمات البكر ونطق الثيب»، فلو عكس الأمر وقالت البكر: نعم أريد أن أتزوج بهذا الرجل، وأنا قابلة به، والثيب سكتت، فهل يكون ذلك إذناً؟
أما الثيب فلا يكون إذناً؛ لأن النطق أعلى من السكوت، فقولها: رضيت، أعلى من كونها تسكت، وأما البكر فإنه يكون إذناً؛ لأن كونها تنطق وتقول: رضيت به، أبلغ في الدلالة على الرضا من الصمت.
والعجيب أن ابن حزم ﵀ بظاهريته يقول: إنها لو صرحت بالرضا لم يكن إذناً، فلو قالت: رضيت بهذا الرجل وأنا أريده ولا أريد غيره، يقول: هذا ليس بإذن؛ لأن النبي ﵊ سئل كيف إذنها، قال:«أن تسكت»(١)، فمعناه أنها لو جاءت بإذن غير السكوت، لم يكن ذلك معتبراً شرعاً.
وهذا قولٌ ضعيف، وهو مما يدل على فساد التمسك بالظاهر بدون مراعاة المعنى؛ لأن الشريعة ظواهرها كلها حق، وكلها حِكم وأسرار، وليس من الحكمة أن نقول لامرأة: هل ترضين أن تتزوجي بهذا الرجل؟ فتقول: نعم، رضيت به، ثم نقول لنظيرتها: هل ترضين أن تتزوجي بهذا الرجل؟ فتسكت، ونقول: إن الثانية راضية، والأولى غير راضية.
فالصواب: أن إذن البكر أدناه الصمت وأعلاه النطق؛ لكن