للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال بعض العلماء: إنه يشترط إما الإشهاد، وإما الإعلان ـ أي: الإظهار، والتبيين ـ وأنه إذا وجد الإعلان كفى؛ لأنه أبلغ في اشتهار النكاح، وأبلغ في الأمن من اشتباهه بالزنا؛ لأن عدم الإشهاد فيه محظور، وهو أنه قد يزني بامرأة، ثم يدعي أنه قد تزوجها، وليس الأمر كذلك، فاشتراط الإشهاد لهذا السبب، لكن إذا وجد الإعلان انتفى هذا المحظور من باب أولى، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ، بل قال: إن وجود الإشهاد بدون إعلان في النكاح في صحته نظر؛ لأن النبي أمر بإعلان النكاح، وقال: «أعلنوا النكاح» (١)، ولأن نكاح السر يخشى منه المفسدة حتى ولو بالشهود؛ لأن الواحد يستطيع أن يزني ـ والعياذ بالله ـ بامرأة، ثم يقول: تزوجتها، ويأتي بشاهدي زور على ذلك.

ومما يدل على أن الشهادة ليست شرطاً أن هذا مما تدعو الحاجة إلى بيانه وإعلانه، والصحابة لا يمكن أن يتركوا هذا الأمر لو كان شرطاً، ولبيَّنوه، ولكان أمراً مشهوراً مستفيضاً، ولو كان هذا من الأمور المشترطة لجاء في الكتاب أو السنة على وجه بيِّن واضح، فالدليل عدم الدليل، فمن قال: إنه يشترط فليأت بالدليل.


(١) أخرجه الترمذي في النكاح/ باب ما جاء في إعلان النكاح (١٠٨٩)؛ وابن ماجه في النكاح/ باب إعلان النكاح (١٨٩٥) عن عائشة ، واللفظ لابن ماجه: «أعلنوا النكاح واضربوا عليه بالغربال»، وضعفه الترمذي، والبوصيري في زوائد ابن ماجه، والحافظ في التلخيص (٢١٢٢).
تنبيه: قوله «أعلنوا النكاح»، هذه الجملة حسَّنها في الإرواء (٩٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>