تكون ملتزمة بالدين الخالص لليهود والنصارى، أو لا يشترط؟
قال بعض أهل العلم: إنه يشترط بأن توحد الله ﷿ ولا تشرك به شيئاً، ولكنها لا تتبع إلا موسى ﵊ إن كانت يهودية، أو عيسى ﵊ إن كانت نصرانية، فإن خالفت الإسلام وأشركت فإنها لا تحل، وهؤلاء راموا الجمع بين آية المائدة وآية البقرة، فقالوا: إذا أشركت بالله، ولو كانت يهودية أو نصرانية فلا تحل، وأما إذا كانت غير مشركة بالله وإن لم تَدِنْ بالإسلام الذي جاء به محمد ﵊ فإنها تحل، وتكون الفائدة من قوله: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ أنها غير مسلمة وحلت، لا أنها مشركة وحلت، وإلى هذا ذهب كثير من أهل العلم من السلف والخلف، وعلى هذا الرأي إذا كانت النصرانية تقول بأن الله ثالث ثلاثة، فإنها لا تحل ولو تدينت بدين النصارى، وكذلك اليهودية إذا قالت: عزير ابن الله فإنه لا تحل؛ لأنها مشركة.
وذهب أكثر أهل العلم إلى أن الآية: ﴿مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾ عامة، فكل من انتمى إلى دين أهل الكتاب فهو منهم، وقالوا: إن هذا مخصص لقوله ـ تعالى ـ في سورة البقرة: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ﴾ لأن آية البقرة متقدمة على آية المائدة، ثم هذا التعليل في الحقيقة عليل؛ لأن التخصيص لا فرق فيه بين المتقدم والمتأخر، لكن الدليل الواضح هو أن الله ذكر في سورة المائدة حل نساء أهل الكتاب، وحكى عنهم الشرك وكفَّرهم أيضاً ﷾ فقال: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ﴾ [المائدة: ٧٣]، وقال: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ﴾ [المائدة: ١٧]، وقال: