للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتناقض أن يكون الآمر مأموراً، لكن ما الطريق إلى الحِل إذا رغب أن يتزوجها ورغبت أن تتزوجه؟ تعتقه، لكن لو خدعها وقال: أعتقيني لأتزوجك وهي راغبة فيه فأعتقته، فلما أعتقته قال: الحمد لله الذي فكني منك، والمُعْتَق لا يمكن أن يرجع رقيقاً، ففي مثل هذه الحال يضمن قيمة نفسه لها؛ لأنه غرها وخدعها.

قوله: «ولا سيد أمته» أي: لا ينكح سيد أمته، يعني لا يعقد عليها النكاح، وليس المعنى ألا يطأ، فإنه يطؤها بملك اليمين؛ لأن الله جعل ملك اليمين قسيماً للنكاح فقال: ﴿إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ﴾ [المؤمنون: ٦]، فدلَّ ذلك على أنهما لا يجتمعان؛ لأن قسيم الشيء مباين له، ولأن النبي أعتق صفية وجعل عتقها صداقاً (١)، وأيضاً فإن وطأه إياها بملك اليمين أقوى من وطئه إياها بالعقد؛ لأن ملك اليمين يحصل به الملك التام، فيملك عينها ومنافعها، والنكاح لا يملك إلا المنفعة التي يقتضيها عقد النكاح شرعاً أو عرفاً، فهو مقيد، قال أهل العلم: ولا يَرِدُ العقد الأضعف على العقد الأقوى، فهو يستبيح بُضعها بملك اليمين الذي هو أقوى من عقد النكاح.

قوله: «وللحر نكاح أمة أبيه» بشرط ألا يكون الأب قد جامعها؛ فإن جامعها الأب فإنها لا تحل للابن؛ لأنها مما نكح أبوه.

مثال ذلك: رجل له أبٌ غني وعند أبيه جوارٍ، فأراد هذا


(١) سبق تخريجه ص (٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>