للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانياً: أنه في هذه الحال عادت منفعة الصداق إلى غير المرأة، فعادت إلى الولي، والله تعالى يقول: ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً﴾ [النساء: ٤] أي: عطية بلا تقصير، فأضاف الصداق إليهن، وأمر بإعطائهن إياه نحلة، وهنا ما أعطينا هذه المسكينة صداقاً.

ثالثاً: أن هذا فيه غالباً مخالفة الأمانة ومجانبتها، فإن الإنسان إذا كان يحصل له فرج امرأة بفرج موليته غفل عن مقتضى الأمانة، وهي اختياره الكفء لها، وصار لا يهمه إلا من يحقق له رغبته، أما أن يكون صالحاً أو طالحاً فلا يهمه، يأتيه الرجل الصالح فيقول: أريد أن تزوجني بمهر، لكن ليس عنده بنت فيقول: لا، ويأتيه الرجل الفاسق عنده بنت فيتبادلان، ففي هذا تضييع للأمانة التي حملها الله ـ تعالى ـ للإنسان، ولهذا كان هذا العقد باطلاً بالأثر وبالنظر.

وقوله: «ولا مهر بينهما» مفهومه أنه إن كان بينهما مهرٌ صح العقد، وظاهر كلامه سواء كان المهر قليلاً أم كثيراً؛ لأنه قال: «ولا مهر» فعلم منه أنه إذا كان بينهما مهر فالنكاح صحيح؛ لأن تفسير نافع للشغار قال: «أن يزوجه ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته وليس بينهما صداق» (١)، وأيضاً فإن الشغار بمعنى الخلو، ومنه قولهم شغر المكان إذا خلا، ومنه قول الناس: وظيفة شاغرة، يعني خالية ما فيها أحد، فإذا كان هناك مهر فلا خلو، وأيضاً فإن الله قال: ﴿أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ﴾ وهذا الرجل قد ابتغى


(١) سبق تخريجه ص (١٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>