كان بعده فهو لمن أهدي إليه، وقد ورد في ذلك حديث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أخرجه أهل السنن وهو حسن:«أحق ما يكرم المرء عليه ابنته وأخته»(١).
وهذا الذي يقتضيه الحديث أصح؛ لأن الأول يؤدي إلى أن تكون البنت بمنزلة السلعة، أي إنسان يشرط لأبيها أكثر يزوجه، ففيه تعريض لفقد الأمانة من الأب، وهذا أمر خطير، ومن أجل هذا توسع الناس الآن، فصاروا يشترطون شيئاً للأب، وشيئاً للأم، وشيئاً للأخ، وشيئاً للأخت، فصار مهر المرأة يذهب أشلاء، كل واحد منهم يأخذ نتفة منه، فضاعت الأمانة بسبب هذا الفعل، فنحن نقول: أنت يا أيها الأب لك أن تتملك من مال ولدك ما شئت، لكن هي إلى الآن ما ملكته، بل تملكه بعد العقد، ومع ذلك فالذي تملكه منه معرض للسقوط؛ لأنه إذا طلقت قبل الدخول ما صار لها إلا نصفه، ولو صارت الفرقة بسببها لم يكن لها شيء، فإذا عُقِدَ عليها وملَكَتْ المهر، فلك أن تأخذ من مالها ما شئت بالشروط المعروفة عند أهل العلم.
هاتان مسألتان تفترقان في الحكم على المذهب لافتراق العلة على ما عللوا به، وعلى القول الثاني لا يفترقان وأن ما كان قبل العقد فهو للمرأة، وما كان بعده إكراماً لوليها من أب أو غيره فهو له.
(١) أخرجه أحمد (٢/ ١٨٢)؛ وأبو داود في النكاح/ باب في الرجل يدخل بامرأته قبل أن ينقدها شيئا (٢١٢٥) والنسائي في النكاح/ باب التزويج على نواة من ذهب (٦/ ١٢٠) وابن ماجه في النكاح/ باب الشرط في النكاح (١٩٥٥) عن عبد الله بن عمرو ﵄.