البعير، قالت: أصدقتني هذا البيت، قال: بل هذا البيت (لبيت آخر) فالقول قول الزوج، وعلى هذا فنلزمها بما قال؛ لأن الأصل عدم صحة ما تدعيه، هكذا قال الفقهاء، وهذه المسألة غير الأولى، الأولى اختلفا في القدر، فيكونان قد اتفقا على الأقل، وأما هنا فلم يتفقا على شيء، كل واحد منهما يقول قولاً غير قول الآخر، ومع ذلك يقولون: القول قول الزوج فيحلف، وليس لها سوى ما قال، ولكن ينبغي أن يقال: إنه يقبل قوله ما لم يدع شيئاً دون مهر المثل، فإنه لا ينبغي أن يقبل، يعني لو عينت شيئاً يمكن أن يكون مهر مثلها، وعيَّن هو شيئاً دون مهر مثلها فلا شك أن القول قولها.
فهذه المرأة مثلاً مهر مثلها خمسون ألفاً، وقالت: إنك أصدقتني هذا البيت وقيمته خمسون ألفاً أو قريباً منها، وقال: بل أصدقتك هذا البيت وهو لا يساوي إلا عشرين ألفاً، فالأقرب للصواب قولها هي، فينبغي أن يقال: إن كلام المؤلف على إطلاقه فيه نظر، فينظر إلى ما هو أقرب إلى مهر المثل؛ لأن القرينة ـ إذا لم تكن بينة ـ حجة شرعية، فسليمان ﵊ لما تحكامت إليه المرأتان في الولد، قال: أشقه بينكما نصفين، فالكبرى قالت: نعم، والصغرى قالت: لا، فقضى به للصغرى بدون بينة (١).
(١) أخرجه البخاري في أحاديث الأنبياء/ باب ﴿وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الأَيْدِ﴾ (٣٤٢٧)؛ ومسلم في الأقضية/ باب اختلاف المجتهدين (١٧٢٠) عن أبي هريرة ﵁.