للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقوله : «لا يحل للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة» (١)، فإن لم يكن مصلحة صار الهجر حراماً، إذ لا يحصل منه إلا عكس ما نريد، وأما ما يفعله بعض الإخوة المستقيمين الغيورين على دينهم من هجر أهل المعاصي مطلقاً فغلط، ومخالف للسنة، لقول النبي : «لا يحل للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة»، وفاعل المعصية أخ لك مهما فعل من الكبائر، إلا إذا كفر، وعلى هذا فلا يجوز هجر أهل المعاصي إلا لوجود المصلحة.

القسم الثالث: هجر مباح وهو ما يحصل بين الإنسان وأخيه بسبب سوء تفاهم، وهو مقيد بثلاثة أيام فأقل.

والقول الراجح أن الهجر لا يجب، ولا يسن، ولا يباح إلا حيث تحققت المصلحة، فإذا كان هناك مصلحة هجرنا وإلا فلا؛ لأن الهجر إما دواء وإما تعزير، فإن كان من أجل معصية مستمرة فهو دواء، وإن كان من أجل معصية مضت وانتهت فهو تعزير، فيحرم أن يهجر أخاه المؤمن ما لم يصل إلى الكفر، والدليل على ذلك عمومات الأدلة الدالة على حقوق المسلم على المسلم، والمؤمن لا يخرج من الإيمان بمجرد الفسوق والعصيان عند أهل السنة والجماعة، ولذلك الأصل تحريم هجر المؤمنين، ولو فعلوا المعصية وتجاهروا بها؛ لأنهم مؤمنون، وقد قال النبي : «وحق المسلم على المسلم ست، ومنها: إذا لقيته فسلم عليه» (٢)،


(١) أخرجه البخاري في الأدب/ باب الهجرة … (٦٠٧٧)؛ ومسلم في الأدب/ باب تحريم الهجر فوق ثلاثة أيام بلا عذر شرعي (٢٥٦٠) عن أبي أيوب الأنصاري.
(٢) أخرجه البخاري في الجنائز/ باب الأمر باتباع الجنائز (١٢٤٠)؛ ومسلم في الآداب/ باب من حق المسلم على المسلم رد السلام (٢١٦٢) (٥) عن أبي هريرة ، واللفظ لمسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>