أشبه ذلك؟ والإنسان ينبغي له أن يكف ألسنة الناس عن نفسه.
وقوله:«صومه واجب» مبتدأ وخبر، وهي صلة الموصول «من» لا محل لها من الإعراب، ولا تصح أن تكون «من» شرطية؛ لأنها دخلت على جملة اسمية، ولكن لها جواب؛ وذلك أن اسم الموصول لما كان يشبه اسم الشرط في العموم صار له جواب كجواب الشرط، وهو هنا:«دعا وانصرف» ومنه قولهم:
الذي يأتيني فله درهم.
فـ «الذي» مبتدأ، و «له درهم» خبره، وقرنت بالفاء؛ لأن اسم الموصول يشبه اسم الشرط في العموم فأعطي حكمه في الجواب.
وقوله:«دعا وانصرف»، الدليل قول ـ النبي ﷺ:«إذا دعي أحدكم فليُجب، فإن كان صائماً فليُصَلِّ، وإن كان مفطراً فليطعم»(١)، ومعنى قوله:«فليصلِّ» فليدعُ.
فإن قال قائل: أنتم تقولون: إن ألفاظ الشارع تحمل على الحقائق الشرعية، والصلاة حقيقتها الشرعية هي العبادة المعروفة.
قلنا: إن الكلمات يعين معناها السياق وقرائن الأحوال، ومن المعلوم هنا أن الرسول ﷺ لم يرد من الإنسان الصائم الذي يُدعى فيجيب أن يصلي؛ لأنه لا معنى لذلك، وإنما المعنى أن يدعو لهم لقوله تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا
(١) أخرجه مسلم في النكاح/ باب الأمر بإجابة الداعي إلى دعوة (١٤٣١) عن أبي هريرة ﵁.