وعادة الناس اليوم على أنه يحتاج إلى ألفاظ صريحة، فلو تقدمت للمائدة ولم تكتمل، عُدَّ ذلك جشعاً، كما قال الشاعر:
وإن مدت الأيدي إلى الزاد لم أكن
بأعجلهم إذ أجشعُ القومِ أعجلُ
فما دام الداعي لم يقل: تفضلوا، فلننتظر، أما إذا جاء بإناء الطعام وقدمه بين يديك، فهذا إذن، لا يحتاج إلى لفظ صريح، والحاصل أن هذه الأمور تكون بالألفاظ الصريحة، والقرائن الواضحة الدالة عليها.
وقوله:«وإباحته» فلو أن أحداً أخذ شيئاً من الطعام قبل الإذن، أو القرينة كان ذلك حراماً، والناس لا يرون هذا حراماً، وإنما يرونه سوء أدب بتقدمه قبل الإذن، ولكن ظاهر كلام المؤلف أن الإباحة لا تكون إلا بصريح الإذن، أو القرينة.
ومن هنا نأخذ مسألة مهمة أنه إذا دعاك إنسان وجئت إلى البيت، ووجدت الباب مفتوحاً في الوقت الذي دعاك فيه، فهل يحتاج إلى إذن، أو أن فتح الباب يعتبر إذناً؟
هذا ـ أيضاً ـ عند الناس إذن عرفي، فلو جئت بعد العشاء الآخرة ووجدت الباب مفتوحاً فهو إذن.
ولكن لا شك أن الأفضل أن يستأذن؛ لأنه قد تكون إحدى النساء في فناء البيت ونحوه، أما إذا صرح، وقال: إذا وجدتم الباب مفتوحاً فادخلوا، أو وجد المفتاح على الباب كما كان في الزمن السابق، يتركون المفاتيح على الأبواب، فهذا إذن صريح.
قوله:«وإن علم أن ثم منكراً يقدر على تغييره حضر وغيّره»«إن علم» الضمير يعود على المدعو، «ثَمَّ» ظرف مكان يشار