ولكن لا يأكل من أعلى الصحفة؛ لأن البركة تنزل في أعلاها، فيأكل من الجوانب، ولا حرج.
واستثنى العلماء ﵏ إذا كان الأكل أنواعاً فلا بأس أن يأخذ مما لا يليه، وقد جاءت بذلك السنة، كما لو كان على الطعام لحم، فاللحم في الوسط، فله أن يتناول منه، وكذلك لو فرض أن المائدة فيها أنواع من الإدام، ويوجد نوع يلي صاحبه، ونوع لا يليه، فله أن يتناول منه، لكن هنا يحسن أن يستأذن؛ لأنه من كمال الأدب.
قوله:«بيمينه» يعني يسن أكله بيمينه لقول النبي ﷺ لعمر ابن أبي سلمة ﵂: «كل بيمينك»، وهذا الذي ذكره ﵀ هو المشهور من المذهب أن الأكل باليمين أفضل من الأكل باليسار.
والقول الراجح في هذه المسألة: أن الأكل باليمين واجب، ودليل هذا أن النبي ﷺ نهى عن الأكل بالشمال، وقال:«لا يأكل أحد بشماله، ولا يشرب بشماله، فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله»(١)، وقد نهينا عن اتباع خطوات الشيطان.
والعجب أن بعض السفهاء منا ـ معشر المسلمين ـ يرون أن الأكل بالشمال تقدم، فلا أدري كيف يرونه كذلك وهم إنما يقلدون الكفار بهذا الفعل الرديء ولا يستفيدون من سَبْقهم في الصناعات المفيدة، ولكن هذا من إملاء الشيطان ولا شك، فما دام الشيطان
(١) أخرجه مسلم في الأشربة/ باب آداب الطعام والشراب وأحكامهما (٢٠٢٠) عن ابن عمر ﵄.