للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استأنف المؤلف بيان شيء من الحقوق فقال: «ويباشرها» الواو للاستئناف، والجملة خبر بمعنى الإباحة، والمعنى يباح له أن يباشرها بالاستمتاع، إلا في الأماكن والأحوال التي حرمها الشرع؛ فمثلاً لا يطؤها في الدبر، ولا يطؤها في حال الحيض والنفاس، ولا يطؤها وهي صائمة صوماً واجباً، أو تطوعاً بإذنه، وإلا فله أن يباشرها متى شاء ليلاً أو نهاراً.

وهل له أن يباشرها وإن لم يحصل الدخول الرسمي؟ فلو عقد عليها ـ مثلاً ـ وهي في بيت أهلها، ولم يحصل الدخول الرسمي الذي يحتفل به الناس، فذهب إلى أهلها وباشرها جاز؛ لأنها زوجته، إلا أننا لا نحبذ أن يجامعها؛ لأنه لو جامعها ثم حملت اتهمت المرأة، فالناس يقولون: كيف تحمل وهو لم يدخل عليها؟ ثم لو جامعها، وقدر الله أن مات من يومه، ثم حملت بهذا الجماع، ماذا يقول الناس؟! لكن له أن يباشرها بكل شيء سوى الجماع؛ لأنها زوجته، ومن ثَمَّ فأنا أفضل أن يكون العقد عند الدخول.

قوله: «ما لم يضر بها» فإن أضر بها فإنه يحرم عليه لقوله تعالى: ﴿وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا﴾ [البقرة: ٢٣١] وهذا في الرجعيات، فإذا كان الإمساك بها محرماً في حال الإضرار، فكذلك الاستمتاع بها في حال الإضرار، ولقوله : «لا ضرر ولا ضرار» (١)، وكيف يضرها؟ لو فرضنا أن المرأة حامل،


(١) أخرجه الإمام أحمد (٥/ ٣٢٦)؛ وابن ماجه في الأحكام باب من بنى في حقه ما يضر بجاره (٢٣٤٠) عن عبادة بن الصامت ، وأخرجه مالك (٢/ ٧٤٥) مرسلاً، وللحديث طرق كثيرة يتقوى بها، ولذلك حسنه النووي في الأربعين (٣٢)؛ وابن رجب في جامع العلوم والحكم (٢/ ٢١٠)؛ والألباني في الإرواء (٨٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>