فيضربها ضرباً غير مبرح، لقول الله تعالى: ﴿وَاضْرِبُوهُنَّ﴾ لكن لو قال قائل: إن الله ـ تعالى ـ قال: ﴿فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ﴾ فذكرها بالواو الدالة على الاشتراك وعدم الترتيب؟
فالجواب: تقديم الشيء يدل على الترتيب في الأصل، ولهذا لما قال الله ﷿: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١٥٨]، قال النبي ﷺ:«أبدأ بما بدأ الله به»(١)، وكذلك قال الفقهاء في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ﴾ [التوبة: ٦٠] قالوا: يُبدأ بالفقراء؛ لأنهم أشد حاجة، فعليه نقول: إن الله وإن ذكر هذه ثلاث المراتب بالواو، فإن المعنى يقتضي الترتيب؛ لأن الواو لا تمنع الترتيب، كما أنها لا تستلزمه.
فعليه نقول: المسألة علاج ودواء، فنبدأ بالأخف الموعظة، ثم الهجر في المضاجع، ويضاف إليها الهجر في المقال، ثم الضرب.
والآية مطلقة حيث قال الله تعالى: ﴿وَاضْرِبُوهُنَّ﴾، لكن النبي ﷺ قال في حجة الوداع في حق الرجال وحق النساء:«لكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرح»، وإذا كانت هذه المسألة الكبيرة تُضرَب فيها المرأة ضرباً غير مبرح، فما بالك في النشوز؟! فأولى أن لا يكون الضرب مبرحاً.
وعلى هذا فمطلق الآية يقيَّد بالقياس على ما جاء في الحديث، فنقول: ليس الضرب كما يريد، فلا يأتي بخشبة مثل الذراع
(١) أخرجه مسلم في الحج/ باب حجة النبي ﷺ (١٢١٨) عن جابر ﵁.