للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولهذا قالت امرأة ثابت بن قيس بن شماس للنبي : «يا رسول الله ثابت بن قيس لا أعيب عليه في خلق ولا دين ـ فهو مستقيم الدين، مستقيم الخلق ـ ولكني أكره الكفر في الإسلام، تعني بالكفر عدم القيام بواجب الزوج، كما قال : «تكثرن اللعن، وتكفرن العشير» (١)، وليس مرادها أن تكفر بالله ﷿، بل تكفر بحق الزوج، لأنها قالت: في الإسلام، و «في» للظرفية، وهذا يعني أن إسلامها باقٍ، وفي بعض الروايات شددت في هذا حتى قالت: لولا مخافة الله لبصقت في وجهه (٢)، من شدة بغضها له، ولا يُستغرب، فالنساء لهن عواطف جياشة كرهاً وحباً، فقال لها النبي : «أتردين عليه حديقته»، والحديقة هي المهر، حيث كان قد أمهرها بستاناً، فقالت: نعم، فقال النبي لثابت: «خذ الحديقة وطلقها» فأخذها وطلقها (٣).

الشاهد من هذا الحديث أنها قالت: «لا أعيب عليه في خلق ولا دين»، وعلى هذا، فإذا كان الزوج قليل شهود الجماعة في الصلاة، أو قليل الصلاة، أو عاقاً لوالديه، أو يتعامل بالربا، وما أشبه ذلك، فللزوجة أن تطلب الخلع لكراهتها دينه، لا سيما أن بعض الأزواج أولَ ما يخطب تجده يأتي بصورة تروق للناظرين، من حيث الخلق والتدين، كما قال الله عن المنافقين: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ﴾ [المنافقون: ٤] أي: ترى أنهم من


(١) (جزء من حديث: «ما رأيت من ناقصات عقل … »).
(٢) أخرجه أحمد (٤/ ٣)؛ وابن ماجه في الطلاق/ باب المختلعة يأخذ ما أعطاها (٢٠٥٧) عن عبد الله بن عمرو .
(٣) أخرجه البخاري في الطلاق/ باب الخلع وكيف الطلاق فيه (٥٢٧٦) عن ابن عباس .

<<  <  ج: ص:  >  >>