وهو قد أسقط الحق الذي له من الرجعة، فالرجعة حق للزوج، والنفقة مدة العدة حق للزوجة، فإذا رضيا بإسقاطهما في الخلع فلا مانع.
ويجيب عن الاستدلال بالآية بأن الغالب أن الزوج لا يفارق زوجته إلا بعوض، ولهذا قال الله ﷿: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ﴾، وما قاله الشيخ ﵀ جيد؛ لأنه في الحقيقة خلع على عوض، وهو إسقاط النفقة عنه، وما قاله ﵀ ظاهر جداً، إلا فيما إذا كان الخلع بما يقتضي الطلاق على المذهب، وكان آخر ثلاث تطليقات، فإن المطلقة ثلاثاً ليس لها على زوجها نفقة، وحينئذٍ لا يستفيد الزوج، ولكن يقال: إذا رضي بهذا فالحق له، فإذا خالعها بغير عوض، وقلنا: على المذهب لم يصح، وإذا لم يصح فإن وقع بلفظ الطلاق أو نيته فهو طلاق، وإن وقع بلفظ الخلع فليس بشيء.
وقوله:«أو بمحرم» مثل الخمر، فلو خالعها على عشرين جرة خمر، فهذا لا يصح؛ لأن الخمر لا يصح أن يكون عوضاً، ولهذا قال النبي ﷺ:«إن الله حرم بيع الخمر»(١)، وكذلك الدخان لا يصح أن يكون عوضاً؛ لأنه محرم، وكذا الخنزير، والمال المسروق.
فإن كانا لا يعلمان أنه محرم فإن الخلع يصح، ولها قيمته، مثل ما لو خالعته على ولد لها من غيره، قالت: هو لك عبد؟
(١) أخرجه البخاري في البيوع/ باب بيع الميتة والأصنام (٢٢٣٦)، ومسلم في المساقاة/ باب تحريم بيع الخمر والميتة (١٥٨١) عن جابر ﵁.