فنقول: نعطيك قنواً واحداً، وأقل ما تحمل الشاة أو الأمة واحداً، ومع عدم المتاع أقل ما يسمى متاعاً، حتى ولو كان بساطاً.
وقوله:«أقل مسماه» صريح في أننا نرجع إلى العرف، فما سمي متاعاً أو حملاً رجعنا فيه إلى ذلك، لكن بشرط ألا يكون معيباً؛ لأن الأصل السلامة.
فلو قال قائل: إنه في مسألة الحمل والمتاع يعطى الوسط لكان له وجه؛ لأننا إذا أعطيناه الوسط ما ظلمناه ولا ظلمناها، فإن قيل: هذا القول يرد عليه أنه لو حملت النخلة قنواً واحداً، فنقول: الفرق ظاهر؛ لأنه إذا حملت فقد حصل له ما عين فليس له أكثر منه، أما مع عدم الحمل فيحتمل أن لا تحمل إلا قنواً واحداً، ويحتمل أن تحمل عشرين قنواً، فنحن لا نظلمها فنقول: أعطيه عشرين قنواً، ولا نظلمه فنقول: يأخذ قنواً واحداً، بل يرجع في ذلك إلى الوسط.
قوله:«ومع عدم الدراهم ثلاثة» لأن أقل الجمع ثلاثة، فإن كان في يدها درهمان، فما له إلا الذي في اليد، ولو كان بلفظ الجمع؛ وذلك لأنه عُين بما في يدها فيتقيد به، بخلاف إذا لم يكن شيء، ولو كان في يدها شيء لكنه نوًى، فوجوده كالعدم؛ لأنه ليس بدراهم.
وكل هذه المسائل الأخيرة مسائل فرعية يعني هذه غالباً لا تقع، لكن الفقهاء يفرضون أشياء، وإن كانت غير واقعة؛ للتمرين على القواعد العامة، ولهذا فإن بعض الأصحاب ﵏ قال: هذه المسألة لا تصح لكثرة الغرر والجهالة فيها.
فمثل هذه الأمور التي يعظم فيها الخطر ينبغي ألا نصححها؛ لأن الزوج في هذه الصور يكون من جنس المغبون في البيع والشراء، والمغبون في البيع والشراء له الخيار.