فعل عمر بن الخطاب ﵁ مع ابنه عبد الله (١)، فإذا أبى أن يطلق وعرفنا أن هذه زوجة لا خير فيها، فحينئذٍ لا بد أن نقول: إن الأب له أن يطلق زوجة ابنه.
وهل إذا طلقها يلزمه أن يزوج الابن؟ نعم، يلزمه ذلك من مال الابن إذا كان له مال، أو من ماله إذا لم يكن للابن مال.
وقوله:«وليس الأب» مفهومه أن الجد لا يملك ذلك من باب أولى.
قوله:«ولا خلع ابنته بشيء من مالها» أي: ليس للأب أن يخلع ابنته من زوجها بشيء من مالها، والمراد بالبنت هنا غير العاقلة، أما إذا كانت البنت عاقلة رشيدة، وطلبت من أبيها أن يخالعها من زوجها، وأن تبذل من مالها، فالأمر واضح أنه يجوز، لكن إذا كانت غير رشيدة فليس له أن يخالعها بشيء من مالها؛ لأنه لا يجوز للأب أن يتبرع بشيء من مال مَنْ هو ولي عليه، لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أْحْسَنُ﴾ [الأنعام: ١٥٢]، والخلع بالمال يتضمن التبرع؛ لأنه لا يقابله مال، وإنما هو فكاك من الزوجية.
مثال ذلك: رجل له ابنة لم تبلغ، زَوَّجها بشخص ـ وهذا
(١) أخرجه أحمد (٢/ ٢٠)؛ وأبو داود في الأدب/ باب في بر الوالدين (٥١٣٨)؛ والترمذي في الطلاق/ باب ما جاء في الرجل يسأله أبواه أن يطلق امرأته (١١٨٩)؛ وابن ماجه في الطلاق/ باب الرجل يأمره أبوه بطلاق امرأته (٢٠٨٨) عن عبد الله بن عمرو ﵄، وقال الترمذي: «حسن صحيح»، وصححه ابن حبان (٤٢٧) ط/الأفكار الدولية، وصححه الحاكم (٢/ ١٩٧) على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.