كلمت زيداً، ثم إنها تزوجت بزوج آخر، وفارقها، ثم تزوجها زوجها الأول، ثم كلمت زيداً، فعلى رأي الجمهور لا تطلق، وعلى رأي المؤلف تطلق؛ لأن قوله:«ثم أبانها» عام، ولا شك أن رأي الجمهور أصح في هذه المسألة لقوة تعليله.
وهناك قول آخر: أنها لا تعود مطلقاً، ولو كانت البينونة بغير الطلاق الثلاث، قالوا: لأن ظاهر الحال أنه لما قال الرجل لزوجته: إن كلمت فلاناً فأنت طالق أن قصده في هذا النكاح، ولم يكن يطرأ على باله أنه حتى لو طلقها وتزوجها بعد، وهي ـ أيضاً ـ إذا بانت منه فقد انقطعت علائقها منه، فالتعليق إنما كان في نكاح سابق، والنكاح السابق بانت منه، وهذا نكاح جديد فلا تطلق؛ لأن الله ـ تعالى ـ إنما جعل الطلاق بعد النكاح، فقال: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ﴾ [الأحزاب: ٤٩] فلا طلاق قبل النكاح، وهذا قد علق الطلاق في نكاح سابق قبل النكاح الثاني.
فعندنا ثلاثة أقوال:
الأول: أن الصفة تعود مطلقاً وهو المذهب.
الثاني: أنها لا تعود مطلقاً.
الثالث: رأي الجمهور، أنها لا تعود إن بانت بالطلاق الثلاث، وتعود إن بانت بغير الثلاث.
وكل هذا فيما إذا وجدت الصفة في حال البينونة، لكن إذا لم توجد، بأن قال: إن كلمتِ زيداً فأنت طالق، ثم طلقها وبانت منه، ثم تزوجها قبل أن تكلم زيداً ثم كلمت زيداً بعد التزويج،