للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلاة والسلام ـ نساءه بين أن يبقين معه أو يفارقهن (١)، وكما أن للإنسان أن يخير امرأته بين الطلاق وبين بقاء النكاح فإن هذا مثله؛ لأنه جعل الأمر بيدها بواسطة الوكالة، فالمذهب أنه يملك أن يوكل زوجته في طلاق نفسها، وتوكيل المرأة في طلاق نفسها مع أنها لا تملكه مستثنى من قولهم في باب الوكالة: «ومن له التصرف في شيء صح أن يوكل ويتوكل فيه» إلا في مسائل عدوها، منها هذه المسألة أنه يجوز توكيل المرأة في الطلاق وهي لا تملك الطلاق.

وهذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم سلفاً وخلفاً، فمنع منها أهل الظاهر وجماعة من السلف والخلف، وقالوا: ما يمكن أن يكون الطلاق بيد الزوجة بالوكالة، لأن الزوجة تختلف عن الأجنبي بأنها سريعة العاطفة والتأثر ولا تتروَّى في الأمور، فلو يأتيها أدنى شيء من زوجها قالت: طلَّقْتُ نفسي بالوكالة، ولهذا وصفها النبي ﷺ فقال: «لو أحسنت إليها الدهر كله، ثم رأت منك شيئاً، قالت: ما رأيت منك خيراً قط» (٢)، بخلاف وكيل الزوج، فعلى هذا لا يصح أن يوكل زوجته في طلاق نفسها؛ وبناء على هذا الرأي قالوا: لو علق طلاقها على فعل لها لم يقع الطلاق، مثل أن يقول: لو فعلت كذا فأنت طالق، ففعلت فإنها


(١) سبق تخريجه ص (١١).
(٢) أخرجه البخاري في الإيمان/ باب كفران العشير وكفر دون كفر (٢٩)، ومسلم في الصلاة/ باب ما عرض على النبي ﷺ في صلاة الكسوف … (٩٠٧) عن ابن عباس ﵄.

<<  <  ج: ص:  >  >>