للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والعقوبة لا تكون على فعل شيء مباح، ولقول ابن عمر ﵄ حين سئل عمن طلق زوجته ثلاثاً، قال: «لو اتقى الله لجعل له مخرجاً» (١)، فدل هذا على التحريم، وهذا هو القول الصحيح، أن إيقاع الثلاث جملة واحدة محرم.

وذهب بعض أهل العلم إلى أن الطلاق الثلاث ليس محرماً، وأنه جائز، وهذا مذهب الشافعي، وقال: إن الدليل على عدم التحريم أن عمر ﵁ أمضاه، ولو كان حراماً لم يمضه؛ لأن الحرام لا يجوز إمضاؤه، إذ إن إمضاء الحرام من المضادة لله؛ لأن الله إذا حرم شيئاً فإنه يريد من عباده اجتنابه، فإذا نفذناه وقعنا فيه.

وأجاب عن حديث: «أيُلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم؟!» (٢) بأنه ضعيف، ولكن لعل الشافعي ﵀ ما بلغه الحديث على وجه يصح، والصواب: أن الحديث أقل أحواله أن يكون حسناً، وقد صححه جماعة من أهل العلم، ثم إن الأدلة التي ذكرناها واضحة.

وأما قوله: إنه لو كان حراماً ما أمضاه عمر، فنقول: ما أمضاه رضاً به، ولكن عقوبة لفاعله، ولهذا قال ﵁ حين إمضائه: إن الناس قد تعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم.


(١) أخرجه مسلم بلفظ: «وأما أنت فقد طلقتها ثلاثاً فقد عصيت ربك فيما أمرك به من طلاق امرأتك وبانت منك»، كتاب الطلاق/ باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها/ (١٤٧١).
(٢) سبق تخريجه ص (٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>