للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله تعالى: ﴿لِعِدَّتِهِنَّ﴾ أي: المتيقنة، التي تعرف أنها في عدة حمل، أو حيض، وأنها ابتدأت بها من حين الطلاق، وأن عدتها بالحمل أو بالأقراء.

فإذا طلقها أثناء الحيض لم يطلقها للعدة؛ لأن الحيضة التي يقع فيها الطلاق ما تحسب، فحينئذٍ ما تبتدئ العدة بالطلاق في هذه الحال، فما يكون مُطَلِّقاً للعدة.

وإذا طلقها في طهر جامعها فيه ولم يتبين حملها، فإنها لا تدري، هل تكون عدتها بالأقراء أو بالحمل؟ فتبقى متحيرة فلا يكون مطلِّقاً لعدة متيقنة؛ لأنه إذا طلقها في طهر جامعها فيه، فإن كانت حاملاً فعدتها بوضع الحمل، وإن كانت حائلاً فعدتها ثلاثة قروء، لكن هل تعلم أو لا تعلم؟ الجواب: إذا كان جامعها بعد الحيض فلا تعلم؛ لأنه ربما أنها حملت بهذا الجماع، بخلاف ما إذا طلقها في طهر لم يجامعها فيه فإنها تتيقن أن عدتها بالأقراء لا بالحمل، وإذا تيقنا أن عدتها بالأقراء فيكون مطلقاً للعدة.

فوجه الدلالة على أن الطلاق يحرم مع الحيض، أو الطهر الذي جامعها فيه الأمر في قوله: ﴿فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾، والأمر للوجوب لا سيما أنه أعقبه بقوله: ﴿وَأَحْصَوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ﴾، وقال: ﴿وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ﴾ كل هذا مما يؤكد أن الأمر للوجوب.

والدليل من السنة أن ابن عمر ﵄ طلق زوجته وهي حائض، فبلغ ذلك النبي ﷺ فتغيظ، أي: لحقه الغيظ بسبب ما حصل من ابن عمر ﵄، وقال لعمر:

<<  <  ج: ص:  >  >>