يقبل منه، مع أنهم يقولون: إن الكتابة صريح، والصريح أقل أحواله أن يُدَيَّنَ صاحبه؛ بمعنى أننا نقبله إن رضيت المرأة به، وإلا فالحاكم يُلزمه بالطلاق، والسبب في أنهم فرقوا بين الكتابة واللفظ في هذا المقام أن العادة أن الذي يريد أن يكتب طلاق امرأته فإنه لا يأتي به هكذا، بل لا بد أن يأتي بشهود، ويكون مؤرخاً، ويكون له شأن، فهذا الظاهر والله أعلم، وإلا فعند التأمل فلا فرق بينهما.
فلو طلبت المرأة منه الطلاق، وكتب الطلاق، وقال: أردت غم أهلي، أو إجادة الكتابة فلا يقبل؛ لأن القرينة تكذبه.
أو طلبت امرأة من زوجها أن يكتب طلاقها، فقال: لا بأس أنا أكتب الطلاق، ولكن بشرط أنك تحفظينه عندك حتى لا يطلع عليه أحد، فكتب: أقول، وأنا كاتب الأحرف فلان ابن فلان: إذا اشتاقت امرأتي إليَّ فلتتفضل، وأعطاها الورقة، فظنت أن هذا هو الطلاق، فلما مضت العدة قالت لأهلها: إن زوجها طلقها، فلما فتحوا الورقة فإذا المسألة خلاف الطلاق.
فهذه يسمونها تورية، ظاهرها بالنسبة لها أنه طلق، وهو في الحقيقة ما طلق.
ولو قالت له امرأته: طلقني، فقال: بعد يومين أو ثلاثة، فإذا مضى اليومان أو الثلاثة ولم يطلق فما يكون شيئاً؛ لأن الوعد ليس إيقاعاً، وهذه دائماً تقع عند الناس، يقول مثلاً: اذهبي لأهلك وأنا أكتب ورقتك، أو تلحقك ورقتك، ثم بعد ذلك لا يكتب الطلاق، فإذا لم ينوِ الطلاق في قوله: اذهبي لأهلك، فإنه