للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقي مسائل مهمة ذكرها في الروض وهي قوله: «ومن طلق في قلبه لم يقع» (١)، كإنسان أضمر في نفسه أن يطلق زوجته يقول صاحب الروض: «فإنه لا يقع الطلاق؛ لقول النبي : «إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم» (٢)، وهذا الرجل حدث نفسه بالطلاق فلا يقع، ولأن الطلاق فسخ، والفسخ لا بد أن يكون باللفظ كالعقد.

كذلك يقول: «وإن تلفظ به أو حرك لسانه وقع» إن تلفظ به وقع ولا إشكال، أو حرك لسانه لكن ما لفظ يقول المؤلف: إنه يقع الطلاق، والصواب أنه لا يقع لأنه ما وجد منه اللفظ، والطلاق لفظ.

ولو كان مصاباً بالوسواس وجرى على لسانه بدون قصد: زوجتي طالق فما يقع الطلاق، ولو أنه قصد الطلاق لكن قال: أريد أن أتخلص من هذا الوسواس، فلا يقع الطلاق؛ لأنه مغلق عليه، وقد قال النبي : «لا طلاق في إغلاق» (٣).

فإن قيل: لو أن رجلاً موسوساً في الطهارة، وشك هل خرج منه شيء أو لا؟ فقال: سأبول حتى أتيقن الحدث وبال، فإنه يكون مُحدثاً، وهذا مثله؛ لأن كليهما فعل ذلك دفعاً للوسواس، فنقول: الوضوء ينتقض بهذا، سواء كان باختيار أو بغير اختيار بخلاف الطلاق، هذا هو الفرق.


(١) الروض المربع مع حاشية ابن قاسم (٦/ ٥١٨).
(٢) أخرجه البخاري في الطلاق/ باب الطلاق في الإغلاق يكره … (٥٢٦٩)، ومسلم في الإيمان/ باب تجاوز الله عن حديث النفس … (١٢٧) عن أبي هريرة .
(٣) سبق تخريجه ص (٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>