﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ *﴾ [الحجر]، ومن اتبعه من الغاوين أكثر من النصف، تسعمائة وتسعة وتسعون بالألف (١)، فبماذا تجيبون؟
قلنا: إذا كانت الأكثرية مستفادة بالصفة فإنها لا تضر، ويجوز الاستثناء ولو كان أكثر، حتى لو افترضنا أن الاستثناء يقضي على كل المستثنى صح، فلو قلت: أكرم من في هذا المجلس إلا من عليه قميصٌ يصح الاستثناء، وعلى هذا ما نكرم ولا واحداً منهم؛ لأن كل واحد عليه قميص، وهنا قوله تعالى: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ﴾، هذه الكثرة مستفادة بالوصف ﴿مَنِ اتَّبَعَكَ﴾ لأن اسم الموصول بمنزلة الوصف؛ إذ إن ﴿مَنِ اتَّبَعَكَ﴾ بمعنى المتَّبِع لك، وعلى هذا فلا يضر، أما إذا كان من عدد، كأنتِ طالق ثلاثاً إلا ثنتين، أو أكرم ثلاثة رجال إلا رجلين، أو عندي لك عشرة دراهم إلا سبعة، فلا يصح الاستثناء، ويلزمني عشرة، أو عندي لك مائة ريال إلا واحداً وخمسين ريالاً فيلزمني مائة؛ لأني استثنيت أكثر من النصف.
فإذا قال قائل: ما الدليل على أنه ما يصح؟
قالوا: لأن اللغة العربية لا تأتي على هذا الأسلوب، فإذا كان عليك ـ مثلاً ـ ثلاثة دراهم فما تقول: عليَّ عشرة إلا سبعة، لكن تقول: عليَّ ثلاثة، هذا هو الأسلوب المعروف في اللغة العربية، وما خرج عن الأسلوب العربي فلا عبرة به.
(١) كما في الحديث الذي أخرجه البخاري في أحاديث الأنبياء/ باب قضية يأجوج ومأجوج … (٣٣٤٨)، ومسلم في الإيمان/ باب قوله: «يقول الله لابن آدم … » (٢٢٢) عن أبي سعيد الخدري ﵁.