وقوله:«الحرة» لأن الحرة عدتها ثلاثة قروء، والأمة قَرْءَان، يعني إن ادعت أنه انقضى بالحيض.
قوله:«في أقلَّ من تسعة وعشرين يوماً ولحظة لم تسمع دعواها» لأنه ما يمكن أن يكون في أقل من تسعة وعشرين يوماً ولحظة.
وقوله:«لم تسمع» يعني أن القاضي يرفضها رفضاً ولا ينتظر، أو يقول: هاتي بينة أو ما أشبه ذلك، لكن هل تقبل دعواها؟
نقول: كل دعوى لا تسمع فإنها لا تقبل، وليس كل دعوى لا تقبل لا تسمع، فقد تسمع الدعوى ولا تقبل، فإذا ادعت انقضاء العدة في ثلاثين يوماً تسمع لكن لا تقبل؛ لأنها لا تحيض في هذه المدة القصيرة ثلاث مرات إلا نادراً، فإذا ادعت ذلك فدعواها خلاف الظاهر فلا تقبل إلا ببينة، ولهذا ذكر أنه رفع لشريح ـ القاضي المشهور ـ امرأة ادعت أنها انقضت عدتها في ثلاثين يوماً، فقال: إن جاءت ببينة من بطانة أهلها ممن يرجى دينه وخلقه أو أمانته فإنها تقبل وإلا فلا، فقال علي ﵁: قالون (١)؛ يعني جيد بالرومية، فأخذ الفقهاء بذلك، وقالوا: إن ادعته في زمن يندر انقضاؤها فيه فإنه لا بد أن تأتي ببينة، وإلا فلا تقبل، فصار لها ثلاث حالات:
(١) علَّقه البخاري في كتاب الحيض دون قوله: «قالون»، وأخرجه الدارمي في الطهارة/ باب في أقل الطهر (٨٤٣)، وسعيد بن منصور في سننه (١/ ٣٥١)، وابن أبي شيبة في المصنف (٤/ ٢٠٠)، ووصله الحافظ في التغليق (٢/ ١٧٩).